الثلاثاء، 9 فبراير 2016

الإقلاع عن التدخين صعب جدا.. إليك الأسباب والحلول

مع أن معظم المدخنين (في أميركا على الأقل) يريدون الإقلاع عن التدخين، ومعظمهم حاول أكثر من مرة، وبرغم توفر الكثير من الأدوية التي تساعد على التخلي عن هذه العادة، إلا أن هناك 1.3 مليار إنسان ما زالوا يدخنون حول العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. فما هي أسباب صعوبة ترك التدخين؟
 
إنها في الواقع أسباب معقدة تتراوح بين الإدمان على النيكوتين إلى التعلق بوجود السيجارة في اليد والفم إلى أسباب جينية ونفسية متباينة من شخص إلى آخر.
 
ضمن سلسلة موقع "راديو سوا" عن التدخين هذا الشهر عرضنا 10 نصائح لترك التدخين، و10 نصائح لمساعدة صديق أو قريب للإقلاع بعيدا عن المضايقة والتأنيب، ثم قدمنا 30 سببا لترك التدخين لا علاقة لها بصحتك.
 
ولأن معرفة أسباب الإدمان تعطينا تفهّما أوضح لجذور المشكلة، فهي تسهّل فرص معالجتها. وسنشرح هنا أبرز الأسباب التي تجعل الإقلاع عن التدخين صعبا.
 
شارك برأيك

 
الإدمان على النيكوتين
 
تحتوي السجائر على مادة النيكوتين، وهي مادة موجودة في نبات التبغ لها تأثير التنشيط والاسترخاء معاً، وتنتقل المادة خلال ثوانٍ إلى الدماغ حين يتم استنشاقها، ما يسبب شعورا بالراحة وتخفيفا في مستوى التوتر، ويقوم النيكوتين أيضا بتعديل المزاج وزيادة سرعة نبضات القلب. غير أن هذا الشعور مؤقت، وبعد أن تزول المادة من الجسم يزداد الاشتهاء لسيجارة أخرى، ما يسبب حلقة مفرغة من الإدمان. وقد اعتبر تقرير لكبير الأطباء Surgeon General في الولايات المتحدة أن "النيكوتين مادة مسببة للإدمان بنفس مستوى الهيروين والكوكائين".
كبير الأطباء في الولايات المتحدة يقول إن النيكوتين مادة مسببة للإدمان بنفس مستوى الهيروين والكوكائينكبير الأطباء في الولايات المتحدة يقول إن النيكوتين مادة مسببة للإدمان بنفس مستوى الهيروين والكوكائين
x
كبير الأطباء في الولايات المتحدة يقول إن النيكوتين مادة مسببة للإدمان بنفس مستوى الهيروين والكوكائين
كبير الأطباء في الولايات المتحدة يقول إن النيكوتين مادة مسببة للإدمان بنفس مستوى الهيروين والكوكائين
 
يضاف إلى ذلك، أن شركات التبغ قامت خلال العقود الماضية بإعادة تصميم السجائر لتكون أكثر إدمانا، وفقا لدراسة أعدتها وزارة الصحة العامة في ماساشوسيتس بالتعاون مع كلية الطب في جامعة ماساشوسيتس.
 
وتشمل أعراض نقص النيكوتين في الجسم الشعور بالتوتر والخمول وصعوبة في النوم وتعكر المزاج وصعوبة في التركيز وزيادة الشهية للطعام. ومع أن هذه الأعراض تكون على أشدّها في الأيام والأسابيع الأولى، إلا أنها قد تستمر أشهراً، لكنها تتضاءل تدريجيا في كل يوم يخلو فيه الجسم من النيكوتين.
 
وللتعامل مع أعراض الإقلاع عن النيكوتين يُنصح باستخدام علاجات التعويض عن النيكوتين، مثل لصقات النيكوتين واللبان وأقراص الحلوى، فهي تضاعف من فرص النجاح في الإقلاع، وفقا لمراكز الوقاية من الأمراض. هذه الأدوية تعوّض الجسم النيكوتين الذي أدمن عليه لكن من غير أضرار الدخان، وخلال فترة الإقلاع سوف تستخدمها بجرعات أقل فأقل لكي يعتاد الجسم تدريجيا أن يكون من غير النيكوتين.

التلازم اليدوي والشفوي
 
يتعلق كثير من المدخنين بالسجائر لأنهم يشعرون بحاجة دائما لأن يكون هناك ما يُشغل يدهم أو فمهم. فطريقة الإمساك بالسيجارة وتلازمها مع الفم (فيما يسمى بالتلازم الشفوي oral fixation) جزء أساسي من الإدمان. كما أن التدخين بالنسبة للكثيرين مرتبط بعادات أخرى مثل شرب القهوة أو الشاي أو الكلام مع الأصدقاء المدخنين، فتصبح هذه العادات "معززات ثانوية". في هذه الحالات يكون هناك احتمال عال للفشل في الإقلاع عن التدخين باستخدام علاجات التعويض عن النيكوتين، لأن المدخن يعتمد على وسائل سلوكية للراحة، لذا يحتاج إلى إلهاء يديه وشفتيه ببدائل عن السجائر.

ومن هذه البدائل التي ينصح بها موقع smokefree.gov التابع لمعهد السرطان القومي (مؤسسة حكومية): الإمساك دائما بقلم أو علبة ماء أو كرة أو لعبة صغيرة، ووضع شيء في الفم مثل عيدان تنظيف الأسنان أو عيدان القرفة أو مصاصة أو حلوى الصلبة أو علكة خالية من السكر أو جزرة صغيرة أو خيارة أو تفاحة، وشرب الكثير من الماء أو عصير الفاكهة، والمشي في الهواء الطلق وتنظيف الأسنان بالفرشاة بعد الأكل، وغسل اليدين، وإشعال شمعة (كبديل عن السيجارة)، ولعب الألعاب الإلكترونية على الهاتف أو غيره. هذا وينصح آخرون بالرسم واستخدام المسواك وتلميع الأظافر وتلوينها.
يتعلق كثير من المدخنين بالسجائر لأنهم يشعرون بحاجة دائما لأن يكون هناك ما يُشغل يدهم أو فمهميتعلق كثير من المدخنين بالسجائر لأنهم يشعرون بحاجة دائما لأن يكون هناك ما يُشغل يدهم أو فمهم
x
يتعلق كثير من المدخنين بالسجائر لأنهم يشعرون بحاجة دائما لأن يكون هناك ما يُشغل يدهم أو فمهم
يتعلق كثير من المدخنين بالسجائر لأنهم يشعرون بحاجة دائما لأن يكون هناك ما يُشغل يدهم أو فمهم
 
الميول الجينية للإدمان
 
وجدت العديد من الدراسات أن هناك عوامل جينية تجعل البعض يدمنون على التدخين أكثر من غيرهم. فقد وجدت دراسة نشرت في مجلة "الإدمان" Addiction متغيرا جينيا أطلق عليه CHRNA5 يزيد من احتمال التعلق بالتدخين بعد التجربة الأولى.
 
كما وجدت دراسة نشرت في "مجلة الجمعية الطبية الأميركية" أن المراهقين الذين لديهم عامل جيني ميال إلى الإدمان لديهم ميل أكبر بنسبة 24 في المئة لأن يكونوا مدخنين يوميا بعد السيجارة الأولى بحلول سن الـ15، كما أن لديهم ميل أكبر بنسبة 22 في المئة لأن يفشلوا في محاولات الإقلاع عن التدخين بعد أن يبلغوا مقارنة بأولئك الذين ليس لديهم هذا العامل الجيني.
 
وتقول دراسة أخرى نشرت في مجلة Drug and Alcohol Dependence أن تفهم العامل الجيني مهم في تحسين طرق العلاج بحيث تكون مناسبة لكل شخص على حدة.
معرفة أسباب الإدمان تعطي تفهما أوضح لجذور المشكلة وتسهل فرص معالجتهامعرفة أسباب الإدمان تعطي تفهما أوضح لجذور المشكلة وتسهل فرص معالجتها
x
معرفة أسباب الإدمان تعطي تفهما أوضح لجذور المشكلة وتسهل فرص معالجتها
معرفة أسباب الإدمان تعطي تفهما أوضح لجذور المشكلة وتسهل فرص معالجتها
 
العوامل النفسية والعاطفية
 
يرى الدكتور جون فتزجيرلد، عالم النفس المتخصص في شؤون الإدمان أن من أبرز الأسباب التي تجعل الناس يفشلون في الإقلاع عن إدمان مثل التدخين أنهم لا يعالجون القضايا الأساسية الكامنة وراءه والتي كثيرا ما تعود إلى المعاناة النفسية قبل فترة البلوغ. ويقول لـ"راديو سوا" إن القضايا الأساسية تأخذ أشكالا مختلفة لكن من أكثرها شيوعا الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب، وارتباط التدخين بأنواع أخرى من الإدمان مثل القمار والجنس والمخدرات، والصدمات النفسية أو الجسدية أو الجنسية، وقضايا العلاقات العاطفية والعائلية، والبدانة وآثارها النفسية، والحزن بعد فقدان عزيز دون معالجة مشاعر الأسى بطريقة مناسبة.

ويقول فتزجيرالد "أرى أن معالجة القضايا النفسية الأساسية هي في صميم مساعدة شخص على الإقلاع عن أي نوع من الإدمان بشكل كامل لأن هذه القضية كثيرا ما تستخدم كوسيلة تعايش مع المشكلة". ويضيف "هناك العديد من الأشياء التي يمكن القيام بها لتسوية تلك القضايا الكامنة، لكنها تبدأ بقرار يتخذه الإنسان من أجل التغيير".
 
أضرار التدخين تظهر بعد سنوات طويلة
 
ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الإقلاع عن التدخين صعبا هو عدم الشعور بالضرورة العاجلة للإقلاع. فعلى عكس الأنواع الأخرى من الإدمان، فإن الأضرار الصحية للإدمان على السجائر لا تظهر إلا ببطء شديد، بعد سنوات طويلة من التدخين، وبعد أن تصبح عادة مترسخة، كما أن القدرات العقلية تبقى سليمة في غالب الأحيان، وليس هناك تأثير يذكر على السلوكيات الاجتماعية.
 
كل هذه العوامل لا تشكل خطرا عاجلا بالنسبة للمدخن الشاب، ولا تخلق دافعا قويا للإقلاع، فيستمر في التدخين، ظانا منه أنه سيستطيع الإقلاع عن العادة في فترة لاحقة من حياته.
 
وعلى المستوى الاجتماعي، يؤكد برنارد لون، رئيس مؤسسة بروكور التي تسعى لتعزيز صحة القلب في البلدان النامية أن المجتمعات تأخرت في اتخاذ خطوات لمعالجة الآفة التي تقتل الملايين بسبب تأخر ظهور آثارها الاجتماعية.
صعوبة ترك التدخين تعود لأسباب معقدة تتراوح بين الإدمان على النيكوتين إلى التعلق بوجود السيجارة في اليد والفم إلى أسباب جينية ونفسيةصعوبة ترك التدخين تعود لأسباب معقدة تتراوح بين الإدمان على النيكوتين إلى التعلق بوجود السيجارة في اليد والفم إلى أسباب جينية ونفسية
x
صعوبة ترك التدخين تعود لأسباب معقدة تتراوح بين الإدمان على النيكوتين إلى التعلق بوجود السيجارة في اليد والفم إلى أسباب جينية ونفسية
صعوبة ترك التدخين تعود لأسباب معقدة تتراوح بين الإدمان على النيكوتين إلى التعلق بوجود السيجارة في اليد والفم إلى أسباب جينية ونفسية
 
الخوف من زيادة الوزن
 
يعتبر الخوف من زيادة الوزن أحد العوامل التي تعيق المدخنين عن الإقلاع، لا سيما بالنسبة لمن يعانون أصلا من الوزن الزائد، فالنيكوتين مادة كابحة للشهية، وكثيرا ما استغلّت شركات التبغ الرابط المفترض بين التدخين والنحافة في إعلاناتها. ويزداد وزن المقلعين عن التدخين بمعدل خمسة كيلوغرامات في السنة الأولى من الإقلاع ممن لا يعتمدون على العلاجات المعوّضة للنيكوتين، وفقا لدراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية.
 
غير أن الدراسة نفسها وجدت أن الزيادة تكون في معظمها في الأشهر الثلاثة الأولى، وأكد الباحثون أن فوائد الإقلاع عن التدخين تفوق بكثير أضرار زيادة الوزن.
 
من ناحية أخرى، وجدت دراسة أجريت في جامعة أوتاغو في نيوزيلندا أن الإقلاع عن التدخين لا يؤدي إلى زيادة الوزن على المدى الطويل، بل وجدت أن الذين بقوا مدخنين زاد وزنهم أكثر من المقلعين في نهاية المطاف.
 
غير أن زيادة الوزن يمكن تجنبها إذا كان برنامج الإقلاع مصحوبا ببرنامج رياضي. فقد وجدت دراسة أجريت في جامعة هارفارد أن النساء المقلعات عن التدخين لم يزدد وزنهم إلا بمعدل 1.3 كيلوغرام حين مارسن الرياضة خلال فترة الإقلاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق